المدير العام والناشر – مالك الموقع الاعلامي يونس ابواصليح

شاهين يكتب – عن ولد ٍ في الصبا و ما بعده !

شاهين يكتب – عن ولد ٍ في الصبا و ما بعده !

الرعد نيوز – كتب ماجد شاهين

  • القلق والحياة المتواضعة والأسرة التقليديّة ،كما العائلة الممتدّة ، جميعها أكسَبَتْه ُ حدسا ً و نقاء َ الفطرة ِ و مساحة ً واضحةً من البحث والتأمّل ، مثلما أدرك وعلى نحو ناصعٍ ومبكّر قيمة َ المكوّنات المحيطة به ، من مثل الشارع وساكنيه والأسواق والمسارح اليوميّة المتحركة و مطارح اللعب التي لم تكن متاحة ً لواحد ٍ مثله دائما ً .
    أدرك َ وفي وقتٍ أقرب إلى صباه ، أن ّ ثمّة لهجات متعدّدة للوعي وكأنّ الوعي ينطق ويقول ويروي ، و أنّ ثمّة دروباً مختلفةٍ ومتباينة تفضي إلى السؤال ، كأنّما يعيش فقه السؤال والفلسفة والتعرّف إلى أسرار الحياة .
    و عَرِف من بين ما عرف ، دور التفاصيل الصغيرة والأشياء القليلة في تكوين الوعي وتطوّر الحوّاس ورعايتها .
    كثير من الأشياء أدركها الولد في صباه ويفاعته وشبابه و شوارعه ومقاهيه و أرصفته و دفاتره الصغيرة و كان يحبّ الجدران ، فهناك أسند ظهره كثيرا ً و راح في رحلةِ بحثٍ في التراب وفي عيون العابرات و في رسائلهنّ و في دفتر ٍ قليل ٍ كان يسجّل فيه أوّل البوح وما بعد البوح و كان يقترض من الغيم رقّةَ المطرِ و من شجرة البيلسان نقاءَ بياضها و من عيون النساء ِ أمواجَ بحرِهن ّ ليصعد إلى عمق الماء والمعنى !
    هكذا كان في كثير ٍ من دهشاته ، يستند إلى جدار ويحاول أن لا يرتطم به ، و يقترب من البحر ويحرص على أن لا تسحبه الماء .
    لم يفته الانتباه إلى وجوه الناس و التماعات عيونهم ، رغم ما كان فاتَه من لهو اليفاعة كما أترابه وجيرانه .
    و حين ترسّخت المفردة في ذهنه و انشغل بها ، قال ما يستطيع قوله و اكتفي ببهجة الكلمة و روحها العالية و نادى في الناس أن تعالوا إلى الحقّ والحبّ والحريّة .
    لم يقل كلّ ما أراد ، لكنّه لم يتوقّف عن وشوشةِ الوردِ و محاورة ِ الحجارة و معاينة ِ وجوه الناس .. لم يزل إلى الآن أو ما يزال يفعل ما يبعث جمالا ً في الكلام و بهجة في النفس و نقاء في الوجوه .
    ما يزال يحاول ، ويرى أنّ الكتابة ، مثلا ً ، تعني السؤال َ والبحث عن إجابة و أن ّ وظيفة الكلمة في أبهى معانيها أن تُعلي من شأن الفكر والوعي و حقّ الاختلاف و أنّها واحدة من دروب البحث عن الحريّة والجمال

تصفح ايضا