المدير العام والناشر – مالك الموقع الاعلامي يونس ابواصليح

شاهين يكتب – عن التحليق و عصافير في الجِوار !

شاهين يكتب – عن التحليق و عصافير في الجِوار !


الرعد نيوز – كتب ماجد شاهين

( 1 )
العصافير ُ خُلِقَت ْ للتحليق والشدو و التقاط الحَبّ .. ماذا لو تعطّلت
” أدمغتها ” ، أو أُصِيبَت ْ بالجنون ؟
هل تُصاب ُ العصافير بالجنون ؟
و هل حين يصيبها مسّ من جنون ، تمتنع عن التحليق ِ أو تتوقّف عن ” الزقزقة ” أو تعلن إضراباً عن تناول الطعام و ترفض ” الحَب ّ ” !

كيف نعرف أن عصفوراً أصابه جنون أو دهمه اكتئاب ؟
أسئلة عديدة عن جنون العصافير ، يمكن أن تخطر في البال ، لكنّ أسئلة أخرى تلح ّ حول أمراض متنوّعة يمكن أن تداهم العصافير وتمنعها عن التحليق أو تعطّل مقدرتها على الشدو والزقزقة .

..

العصافير كائنات تسعى وتمرض وتموت و الموجع في أمرها أنها قد تموت بفعل دهم ٍ واعتداء من طيور أخرى أو من خلال سوط وظلم إنسان أو ربّما من خلال مرض .
هل تمرض ُ العصافير ، كما نحن ، و تتوجّع ؟
هل يدهمها مغص معويّ / هل يصيبها وجع رأس / هل يؤلمها قلبها / هل تُصاب بالذبحة الصدريّة / هل يصيبها قصر نظر أو ضعف سمع / هل تُصاب بداء الحكّة / وهل تؤلمها التهابات المفاصل / هل عندها مفاصل في الأصل ؟

هل ثمّ دور مؤذ ٍ تؤديه العصافير ، كأن تشي ببعضها أو تمارس نميمة ً من نوع خاص أثناء اقتراب مناقيرها ، وهل تتقاضى أجوراً حيال ذلك ؟
.. العصافير ، تمرض وتموت ، لكنّها لا تعرف سوى التحليق والشدو .

أين العصافير ، لم نعد نراها تحلّق في الجوار ؟

( 2 )
الطائرة ، كما يسمّونها أو يصفونها ، تحلّق هناك في أعالي الدنيا ،
والعصافير وطيور عديدة تحلّق بحثاً عن هواء آخر و سماء أخرى ،
والخيالات تطير وتحلّق بأصحابها !

لكنّ أكثر أنواع التحليق بهجة و إدهاشاً و تطييباً للنفس .. ذلك ما يصنعه ” المنجعون “حين تلتمع في أذهانهم خيوط أفكار و يسطّرونها هنا أو هناك ، فتروح إلى عناوينها !

هل جرّب أحدكم أن يسهر فوق مصطبة مكشوفة إلى الهواء والسماء ، و حاول أن يحلّق ؟

تلك فكرة التحليق من حالة الانجعاء ، فالكتابة عند المصاطب وفي هواء واضح و فضاء مفتوح ، تحمل صاحبها إلى ” برّيّة ” مُفتَرَضَة تطلّ إلى سماء صافية وربما إلى ” الأزرق الذي يلوّن انتباهاتنا ” .

جرّبوا التحليق ، وإن استطعتم النفاذ إلى جوّانيّاته فاحتفظوا بالدهشة ، جرّبوا الكتابة عن امرأة طازَجة و أرض ٍ نديّة تحتضن جذور العنب وشقائق النعمان ، وجرّبوا الكتابة عن بلاد ٍ تحبّونها ، وسيكون الأمر في غاية المتعة والتحليق .

التحليق ، بالضرورة ، يصير عالياً ً عاليا ً ويقترب من الحلم ، حين نكتب أو نهمس أو نحاور المطارح التي ليس فقط نحبّها ولكن تلك التي تحبّنا .

هكذا ، حاوِلوا الانجعاء على ” جنبيّة ” و وسائد خشنة قليلة ، و اتركوا النار تصهر البنّ والشاي ، وانظروا فقط إلى الأعلى .. اصعدوا في معراج العين والروح إلى حافّة السماء … عندها ستفوح رائحة الشوق والأزرق و الماء والنساء المدهشات والبلاد التي نحبها وتحبّنا .

تلك قصة التحليق ، التي تطيب ُ حين مصطبة و جنبيّة وسماء .
تلك صورة من مشهَد أوقاتنا ،
تلك صورة من صور الحياة ،
تلك فرصتنا في الدهشة والبوح والتحليق .

تصفح ايضا