المدير العام والناشر – مالك الموقع الاعلامي يونس ابواصليح

شاهين يكتب – من أوراق أيـّار !

شاهين يكتب – من أوراق أيـّار !

الرعد نيوز – كتب  ماجد شاهين

( 1 )
  مُعتِم ٌ و ناشف ٌ و لا هواء فيه ولا عطر ولا روح ، أقول عن زِقاق ٍ لا تكون لك ِ رائحةٌ فيه وعنده !
( 2 )
من الذي اقتلع شجرة البيلسان ، و صَبّ ” الجدران والسقوف ” بدلا ً منها ؟
من الذي أغلق درب الهواء النقيّ و خلع الشجرة و صنع جدرانا ً يعلو فيها ” الشخير ” والصراخ و تسود عندها فوضى الجدران المغلقة ؟
من فَعَل ذلك كلّه و قَتَل رائحة التراب والعشب والميرميّة ؟
من ؟

( 3 )
ثمّة من لا تنفتح الشبابيك على الحياة ، إلا ّ بحضوره وبدهشته  .. و ثمّة من لا ينكتب ُ السطر الأوّل إلا ّ بــ ِ انتباهة ٍ منه  أو بطرفة عين .. و ثمّة من لا يضّوّع ورد ٌ إلا حين يرش ّ الماء بيديه !
و ثمّة  ، من لا ينفع شيء إلا ّ به  : به تنفتح الشبابيك  ، و به يُكتَب ُ السطر الاوّل ، و به تصعد رائحة الورد !
ثمّة من يملكون الحكاية كلّها ، هم الحكاية .. و الحكاية لا تكتمل إلا ّ بهم .

( 4 )

.. لست أنت ! أدركت ُ ذلك من الرائحة !
أتثاقل ُ في أن أفتح الباب َ ، أسمع ضربا ً و طرقاً فأترك لأيّ كائن أن يفكّ قيد الباب ويفتحه !
.. لا أروح بلهفتي إلى الباب ، لأنّ أصابعك لم تنقر وجهه ، لم يكن الباب عابقاً بالياسمين ولا النوافذ مغسولة بالندى ، فالصوت الذي عند الباب لم يكن صوتك !

( 5 )

كان يكفي أن تهدل يمامة ، ولو في نافذة بعيدة … كان يكفي أن يرق ّ قلبها و لو  بــ ِ ” إغماضة عين ٍ ”  قليلة !

كان يكفي لو أدرنا قرص المذياع عند العصر باتجاه الروح ، و سمعنا فيه :
” يا جارة الوادي ” !

كان يكفي لو !

( 6 )

وامرأة  ، هناك  ، تسرد ُ الحكاية  … إنـّها امرأة كثيرة ،
تقول عن شجرة ٍ أو عن بحر ٍ أو عن  دار ٍ كبيرة ٍ فيها مصاطب و كوّات و  مخابيء و  شجرة تين بلغت من العمر عتيـّا ً  ، و ليمونة  تطرح ثمرها في كل ّ حين .

إنـّها امرأة تقول عن تراب ٍ جوار البحر ترعاه سماء ٌ واضحة !
امرأة ، هناك ، قالت أنها ، و إن أغفلنا روحها ، تعرف ملامحنا و أوقاتنا و قمصاننا التي بلّلها الماء !
إنـّها امرأة تعرف البحر متى يفتح قلبه للصبايا لكي يغسلن ذنوبهن ّ ،
إنـّها امرأة عند البحر ، نراها واحدة وهي كثيرة .
..
إنـّها امرأة ، نسأل البحر أن يتريّث ولا يأخذها بعيدا ً .

( 7 )

لها أو عنها !
الفرق كبير  بين أن يكتب المرء ” عن  المرأة  ”  و  بين أن  يكتب ” للمرأة ”  !
رغم  صعوبة التفريق بين الصيغتين أو الحالين .
لها ، تعني أن تسكب عصارة العسل في  حروفك و تصوغها  ” جملة ً أو رسالة ً أو  ” ورقة ليمون ”  تحمل فاكهة روحها .
أمّا ” عنها ” فقد تعني أنّك قد تقترب من حارتها أو من سيرة قصيرة لها أو قد ترسم وجها ً موجعا ً كنت ظننت َ أنه وجهها  و قد تكون غليظاً جافا ً في حروفك نحوها !
الفرق لا يظهر في يسر ٍ وسهولة ، لكنّه عميق بين الحالين !
لها ، تعني أنها المَشهَد ُ والحكاية والرائحة والهواء والشجرة .
عنها ، تعني أنها جزء من الصورة وفي طرفها و قد تكون في منتصف القصة أو على هامشها .
الفرق بين الحكايتين  يعرفه الضالعون في فقه المرأة وفقه العيون وفقه الرائحة .
إن أردتم  أكثر ” فقها ً و روحاً ورائحة ً  ” ، فــ َ اسألوا ذاكرة الأمّهات .

تصفح ايضا