الرعد نيوز – كتب ماجد شاهين
( 1 )
مُعتِم ٌ و ناشف ٌ و لا هواء فيه ولا عطر ولا روح ، أقول عن زِقاق ٍ لا تكون لك ِ رائحةٌ فيه وعنده !
( 2 )
من الذي اقتلع شجرة البيلسان ، و صَبّ ” الجدران والسقوف ” بدلا ً منها ؟
من الذي أغلق درب الهواء النقيّ و خلع الشجرة و صنع جدرانا ً يعلو فيها ” الشخير ” والصراخ و تسود عندها فوضى الجدران المغلقة ؟
من فَعَل ذلك كلّه و قَتَل رائحة التراب والعشب والميرميّة ؟
من ؟
( 3 )
ثمّة من لا تنفتح الشبابيك على الحياة ، إلا ّ بحضوره وبدهشته .. و ثمّة من لا ينكتب ُ السطر الأوّل إلا ّ بــ ِ انتباهة ٍ منه أو بطرفة عين .. و ثمّة من لا يضّوّع ورد ٌ إلا حين يرش ّ الماء بيديه !
و ثمّة ، من لا ينفع شيء إلا ّ به : به تنفتح الشبابيك ، و به يُكتَب ُ السطر الاوّل ، و به تصعد رائحة الورد !
ثمّة من يملكون الحكاية كلّها ، هم الحكاية .. و الحكاية لا تكتمل إلا ّ بهم .
( 4 )
.. لست أنت ! أدركت ُ ذلك من الرائحة !
أتثاقل ُ في أن أفتح الباب َ ، أسمع ضربا ً و طرقاً فأترك لأيّ كائن أن يفكّ قيد الباب ويفتحه !
.. لا أروح بلهفتي إلى الباب ، لأنّ أصابعك لم تنقر وجهه ، لم يكن الباب عابقاً بالياسمين ولا النوافذ مغسولة بالندى ، فالصوت الذي عند الباب لم يكن صوتك !
( 5 )
كان يكفي أن تهدل يمامة ، ولو في نافذة بعيدة … كان يكفي أن يرق ّ قلبها و لو بــ ِ ” إغماضة عين ٍ ” قليلة !
كان يكفي لو أدرنا قرص المذياع عند العصر باتجاه الروح ، و سمعنا فيه :
” يا جارة الوادي ” !
كان يكفي لو !
( 6 )
وامرأة ، هناك ، تسرد ُ الحكاية … إنـّها امرأة كثيرة ،
تقول عن شجرة ٍ أو عن بحر ٍ أو عن دار ٍ كبيرة ٍ فيها مصاطب و كوّات و مخابيء و شجرة تين بلغت من العمر عتيـّا ً ، و ليمونة تطرح ثمرها في كل ّ حين .
إنـّها امرأة تقول عن تراب ٍ جوار البحر ترعاه سماء ٌ واضحة !
امرأة ، هناك ، قالت أنها ، و إن أغفلنا روحها ، تعرف ملامحنا و أوقاتنا و قمصاننا التي بلّلها الماء !
إنـّها امرأة تعرف البحر متى يفتح قلبه للصبايا لكي يغسلن ذنوبهن ّ ،
إنـّها امرأة عند البحر ، نراها واحدة وهي كثيرة .
..
إنـّها امرأة ، نسأل البحر أن يتريّث ولا يأخذها بعيدا ً .
( 7 )
لها أو عنها !
الفرق كبير بين أن يكتب المرء ” عن المرأة ” و بين أن يكتب ” للمرأة ” !
رغم صعوبة التفريق بين الصيغتين أو الحالين .
لها ، تعني أن تسكب عصارة العسل في حروفك و تصوغها ” جملة ً أو رسالة ً أو ” ورقة ليمون ” تحمل فاكهة روحها .
أمّا ” عنها ” فقد تعني أنّك قد تقترب من حارتها أو من سيرة قصيرة لها أو قد ترسم وجها ً موجعا ً كنت ظننت َ أنه وجهها و قد تكون غليظاً جافا ً في حروفك نحوها !
الفرق لا يظهر في يسر ٍ وسهولة ، لكنّه عميق بين الحالين !
لها ، تعني أنها المَشهَد ُ والحكاية والرائحة والهواء والشجرة .
عنها ، تعني أنها جزء من الصورة وفي طرفها و قد تكون في منتصف القصة أو على هامشها .
الفرق بين الحكايتين يعرفه الضالعون في فقه المرأة وفقه العيون وفقه الرائحة .
إن أردتم أكثر ” فقها ً و روحاً ورائحة ً ” ، فــ َ اسألوا ذاكرة الأمّهات .