المدير العام والناشر – مالك الموقع الاعلامي يونس ابواصليح

شاهين يكتب – عن البيلسان و سلال الياسمين !

شاهين يكتب  – عن البيلسان و سلال الياسمين !


الرعد نيوز – كتب ماجد شاهين

( 1 )

استَحْضَرت ُ ، قبل قليل ٍ ، شكل َ عاشق ٍ كان يذرعُ الحارة عشرات المرّات في اليوم الواحد ، كان ذلك هناك في شارعنا العتيق ، واسترجعت البيلسانة التي كانت تظلّل الشارع و لم تغب ” السنسلة ” التي كنّا نسند ظهورنا إليها و نستريح من ” لهاث الطريق ” !
الأوقات البعيدة كانت الليلة حاضرة و الدالية و شجرة الليمون و صفائح الحَمَام المعلّقة وراء الجدار والشبابيك التي لم نكن نغلقها إلا ّ قليلا ً وكانت مفتوحة إلى الشارع .
كلّ الأشياء كانت حاضرة ً حتى وجه جارتنا .
لكن رائحةَ الياسمين ِ غابت ، ننتظر أن تزهر ياسمينة الدار .. متى يضحك ُ الياسمين ؟

( 2 )

أشياءٌ كثيرة ٌ تستدعي الوجع َ وتستحضرُه وتجلبُه ، أشياءٌ من مثل ِ زقاق عتيق ٍ هَجَره الناس ُ أو رصيف لا يجد زائريه أو مقهى فقدت نادلَها وكاتم أسرارها .. أشياء كثيرة ، فرائحةُ الوردِ توجع ُ حين يفترق ُ الصحبُ ، ورائحة ُ الجوّافة تحرقُ الروح َ حين تغيبُ الشجرة ُ والفكرةُ والروحُ والطريقُ والوجوهُ والأسماء !
أشياء ٌ كثيرة ٌ تستحضرُ الوجع َ ، ولكنّ غيابَك يجيء بأوجاع الدنيا كلّها !
أشياء كثيرة .

( 3 )

إلاّ القليل ُ من البَلَل ِ ، و ما عدا ذلك فالمدن ُ فقدت شجرَها !
نشف َ ريق ُ الشبابيك ، و جفّت خوابي الحارات ، و يبست بنات الشفاه .. ولم تعد المسافات واضحة ً ، وانشغل الناس ُ بالجوع ِ فيما لم يهطل ْ مطر ٌ يسقي اليمام !
لم يَعُدْ أحد ٌ ينشغل بالحُبِّ والحَبّ ِ ، وحين يحدث ُ ذلك ، أي حين ينشغل واحد ٌ بالورد و البيلسان والشبابيك التي كانت لنا ، يُوصَم بالجنون أو بالوهم و تلتصق به صفات ُ العاجزين !
إلا ّ القليل من البلل ِ ، و ما عدا ذلك فالمدن فقدت ْ زيتها و زيتونها و حارسي أوقاتها !
من الذي أودى بالشجر ِ كلّه وبالورد ِ كلّه و بدفاتر البوح ؟

( 4 )

الحمامة ُ التي كانت تختبيء بين أغصان البيلسان ، هناك عند سنسلة دارنا العتيقة في قلب المدينة ، حين كان للمدينة قلب ٌ و حين كانت للمدينة روح ٌ و حين كان للبيلسان بياضه واخضرار ُ عُروقِهِ .. الحمامة تلك كانت توشوش اليافعين و تدلّهم إلى طريق ِ الانتظار !
هناك كانت نافذة عريضة و دالية تفيض عنبا ً و بيلسانة ٌ رمت زهرها في الدرب ِ و سنسلة ٌ اتكأنا إليها سنوات كثيرة ، وهناك كنّا ننام قبل مواعيد النوم لكي نحلم بالحبّ والفاكهة والبلاد و بالعيون التي شدّتنا إلى أطراف وحواف ّ الشوارع لكي نكتب َ ونرسم و نحلم .
كنّا ننام قبل مواعيد نومنا ،
و كنّا نحلم أكثر ممّا نريد ،
و كان لا يزال الحلم ُ مُتاحا ً .
كُنّا !!

( 5 )

سلّة ” الخراريف / الحكي ” ، أعلّقها في زاوية من جدار حميم .. أدس ّ فيها في كلّ يوم ما أكون جنيت ثماره من حكايات و ما كتبته من خراريف ، و حين يجنح قلبي إلى البوح و يرق ّ : أروح إلى السلّة و أغرف منها ما ينفعني لكي أعيش و أستذكر .
أمد ّ يدي إليها ، فأغرف ” حفنة من البوح و الحروف و العشب ” ! في ” الحفنة ” زعتر و حبق و رائحة الروح .

في السلّة ، لا تخلو الزوايا من رقـّة كانت عيناك بعثرتها في طريقي .

..
في السلّة ، كلام ٌ عنّا و بوح كثير .

تصفح ايضا