المدير العام والناشر – مالك الموقع الاعلامي يونس ابواصليح

شاهين يكتب – عن مادبا الآن ، عن فاكهتها التي يبست !

شاهين يكتب – عن مادبا الآن ، عن فاكهتها التي يبست !

الرعد نيوز – كتب ماجد شاهين

في تلك الأيّام ، حين كانت مادبا مدينة حانية ً بقلب ٍ كبير ٍ و جوانح تفيض ُ فاكهة وحبّا ً و طمأنينة ، كانت المحبّة شاسعة الأثر .
كانت مادبا ، وأنّى اتجهت أو التفت ّ أو أزحت َ عينيك ، تبهج و تُفرِح ُ و تنعش ُ القلب و تسقي النبات فلا ينشف أو يجف ّ .
كانت مدينة تتّسع لكل ّ محبّيها و لكلّ شغبهم و حتى أوجاعهم ، لكنّها اليوم تختنق بالضجيج وبالمركبات و بالعُبوس والتقطيب .
لا أحد يضحك فيها الآن ، إلّا من تيسّرت له فرص الضحك .
كنّا نلعب في شوارعها ولا نصادف من ينهرنا أو يتبرّم بسبب لهونا و فوضانا ، واليوم نجوب الشوارع فلا نعرفها ولا تعرفنا وربّما لا نصادف من يرمي علينا السلام والمرحبا .
كانت دكاكين المدينة تبيعنا حاجتنا و تطعمنا الحبّ والضحك ، والآن لا نعرف دكاكيننا ولا حتى وجوه أصحابها ولا البائعين .
لم يعد في مادبا ، بستان ٌ نقطف منه عنبا ً او حُصرماً أو تفاحا ً حامضا ً ولا حتى رائحة ياسمين .
كثرت الحجارة و نقصت فاكهة المدينة و قل ّ ماؤها ،
كثرت الصناديق المغلقة ، التي يسمّونها بيوتا ً ، و نقص الدفء و انعدم التشاوف .
إلا ّ في الموت ، ما تزال مطارح كثيرة في المدينة تنفتح لاستقبال الناس ، و في أغلبها صالات مستأجرة ، فيما كنّا في سالف الوقت نلوذ بالمنازل ولو كانت صغيرة أو ضيّقة .
كثرت في المدينة الأضواء والألوان ، بينما أخذت روح المكان تغيب وتتلاشى وجوه الذين كنا نعرفهم ونسلّم عليهم .
اتّسعت مادبا التي نحبّ ، ولكن ّ صدور الناس تضيق .

تصفح ايضا