الرعد نيوز – كتب ماجد شاهين
- يكتبون ولا نعرف من أين ينهلون ،
عن ” سقف السيل والجورة ” يكتبون و يملؤون الأوراق والفضاء وصفا ً و زخرفة ً ، ولم يكونوا من قبل مرّوا من هناك ولم تكن أقدامهم أخذتهم إلى أطراف المكان أو عمقه !
عن ” سمكرّي وإسكافي ّ و بائع جوارب و بائع ترمس في عربة ” في شارع قليل أو في سوق عتيقة ، يكتبون ، و لم يكونوا عرفوا من قبل ” البوابير ” والمدافيء التي تعمل بالكاز ولا الأحذية المهترئة ولم يكن للترمس مذاق أو طعم في أفواههم .
عن مربعة السوق العتيقة في مادبا أو عن تلال في المطرح الغربيّ يطلّ على أشواقنا ، يدوّنون هنا وهناك كثيرا ً ولم يكونوا اقتربوا من روح المكان إلاّ قليلا ً !
عن ” بيوت الزينكو و الصفيح ” يكتبون ، ولم يكونوا رأوا أو عرفوا بيت صفيح أو حتى لون الزينكو .
..
عن أشياء عديدة يكتبون ، و حتى عن ” طحين المؤن ” ، و لم يكونوا عرفوا من قبل طوابير الانتظار وألوان أكياس الطحين والكلمات المدموغة عليها .
..
الكتابة بالتخيّل لا تنفع لوحدها من دون تجربة .
فكيف يكتب أحدهم عن ” الدالية ” ولم يكن تفيّأ ظلّها من قبل أو لم يكن أكل من ” حصرمها ” أو عنبها ؟
كيف يكتبون عن الحبّ ، ولم يكونوا من قبل تلذّذوا بوجعه أو بطراوته أو بخيباته ؟
و كيف يكتبون عن ملابس الأطفال الرثّة ، ولم يكونوا عبروا أزقّة التعب أو حتى حارات الفقراء ؟
كيف يكتبون عن ” مليح العتيقة ” أو مكاور ولم يكونوا عرفوا الدروب إليها ؟
إذا أردت أن تكتب عن مليح مثلا ً ، و نأتي هنا على ذكرها لأننا نحبّها ، فينبغي أن تكون حارساً لروحها و قريبا ً منها و عاشقاً لها و تتقن الانخراط في حوار مع ترابها ومائها ، تماما ً مثلما يفعل ويكتب البهيّ المدهش صديقي المبدع في الكتابة كما هو مبدع في الصحافة ، أقصد سليمان القبيلات .
فكيف يكتب الآخرون ؟